تأثير التمارين المائية على الألم وجودة الحياة لدى مرضى الفيبروميالجيا

د / محمد شاهين

١٥ سبتمبر ٢٠٢٥

تعد إدارة أعراض هذا المرض تحديا كبيرا مما يدفع المختصين إلى البحث المستمر عن خيارات علاجية فعالة وغير دوائية و من بين هذه الخيارات برزت التمارين المائية كوسيلة  للتقليل من الألم وتحسين جودة الحياة ويعود ذلك إلى طبيعة الماء 

التي توفر بيئة امنة وخالية من الضغط الزائد على المفاصل والعضلات.

المرجع: This review was carried out using the following

databases in January 2024: Cochrane Library, PEDro, PubMed, SCOPUS, and Web of Science

Aquatic Exercise in Physical Therapy Treatment for Fibromyalgia: Systematic Review - PubMed


 وهناك أربع تجارب سريرية تركز على التمارين المائية كعلاج للمرضى المصابين الفيبروميالجيا نشرت جميعها بين عامي 2019 و2024 وكلها كانت بتستخدم التمارين المائية كجزء من برنامج علاجي للمرضى و الدراسات استخدمت أدوات علمية معروفة  لقياس الألم (زي مقياس VAS) وجودة الحياة (زي استبيان SF-36 أو FIQ).

المرجع: This review was carried out

according to the PRISMA statement and was registered in PROSPERO (CRD42024510219)


أظهرت النتائج تحسنا إيجابيا من حيث الألم وجودة الحياة وتدعم هذه النتائج دمج التمارين المائية ضمن برامج العلاج الطبيعي لمرضى الفيبروميالجيا ومع ذلك قد تكون الفوائد مثل تلك الناتجة عن أنماط أخرى من التمارين مما يبين أهمية التكييف الفردي للبرنامج العلاجي بما يتناسب مع احتياجات كل مريض.


 التمارين الحركية والمائية في علاج الفيبروميالجيا

 التمارين الحركية أحد المكونات الأساسية في العلاج الطبيعي لمرضى الفيبروميالجيا وأثبت أنها تساهم بشكل فعال في التخفيف من حدة الأعراض وتحسين جودة الحياة ورغم أن ممارسة التمارين قد تشكل تحديا للمصابين الفيبروميالجيا  فإن الالتزام ببرنامج منتظم و خاضع للإشراف يمكن أن يؤدي إلى تحسين اللياقة البدنية، وتقليل الألم، وتحسين نوعية النوم، وتعزيز الصحة النفسية و تأثير إيجابي على الأداء الجسدي والوظيفي تركز على:

القوة العضلية.

المرونة.

القدرة الهوائية.


وظهرت التمارين المائية وهي إحدى صور التمارين النشطة و هي  بيئة منخفضة التأثير تسهل الحركة وتقلل العبء على المفاصل وبالتالي فإن تقييم تأثير التمارين المائية على الألم وجودة الحياة لدى مرضى الفيبروميالجيا يعد خطوة ضرورية لفهم فاعليتها ضمن البرامج التأهيلية. لذلك يمكن اعتبار التمارين المائية خيارا علاجيا مفيدا لمرضى الفيبروميالجيا حيث تشير النتائج إلى أن التحسن قد يكون مرتبطا بسهولة الحركة داخل الماء ويساعد أداء التمارين في البيئة المائية على:

تحسين القوة العضلية.

المرونة.

التحمل القلبي الوعائي.


 في البيئة منخفضة التأثير يمكن تعديل الشدة لتتناسب مع قدرات كل مريض كما أن إحساس الراحة والطوافية في الماء قد يجعل هذه التمارين أكثر جاذبية خاصة لدى المرضى الذين يعانون من رفض ممارسة التمارين في البيئات التقليدية. وفي إطار العلاج الشامل يمكن ربط التمارين المائية بتقنيات علاجية أخرى لها تأثير في تنظيم الألم مثل: 

التحفيز الكهربائي المباشر عبر الجمجمة.

(Transcranial Direct Current Stimulation)

علاجات الألعاب الحركية.

(Exergame Therapies)

علاجات الواقع الافتراضي.

(Virtual Reality Therapies)


التي تشجع على الحركة وتزيد من التزام المرضى بالتمارين . و وبناء على الدراسات التي تم تحليلها يوصى بتطبيق برامج للتمارين المائية تمتد من 6 إلى 16 أسبوعا على أن تتضمن الجلسة التدريبية ما لا يقل عن 40 دقيقة في الأيام المتبادلة ويفضل أن تشمل البرامج: 

 تمارين هوائية وتمارين تقوية (مع التركيز على تحريك الأطراف العلوية والسفلية). 

ضبط شدة التمرين (باستخدام معدل ضربات القلب ومقياس بورغ للإجهاد).

 النظام الغذائي ونمط الحياة مرضى الفيبروميالجيا

 هناك أهمية  لتأثير تعديلات النظام الغذائي ونمط الحياة على الفيبروميالجيا مع التركيز على النظام الغذائي المضاد للالتهابات، مضادات الأكسدة، والأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين بالإضافة إلى المكملات مثل المغنيسيوم، الإنزيم المساعد Q10، وفيتامين D ، microbiome  والنوم، والتمارين الرياضية، والعلاج السلوكي المعرفي وهناك  بعض الأطعمة التي قد تكون مسببة للالتهابات من خلال تحفيز إفراز السيتوكينات مما يؤدي إلى تنشيط الألم، والتعب، وزيادة غالبية أعراض الفيبروميالجيا حيث نشرت مقالات علمية  بين عامي 1994 و2022 باستخدام قواعد بيانات PubMed و EMBASE مع التركيز بشكل خاص على التجارب العشوائية المحكمة، التحليلات  والإرشادات العلاجية المبنية على الأدلة لتظهر الدور الهام الذي تلعبه تعديلات النظام الغذائي ونمط الحياة في التخفيف من أعراض الفيبروميالجيا لذلك يجب تعديل النظام الغذائي وتغيير نمط الحياة مثل تحسين النوم، ممارسة الرياضة، وفقدان الوزن لانها يمكن ان تشكل خطوات مهمة في إدارة مرض الفيبروميالجيا من خلال هذه الأنظمة:

النظام الغذائي المضاد للالتهابات حيث أظهرت الأنظمة النباتية النباتية الصرفة قدرة على خفض مؤشرات الالتهاب وقد أظهرت دراسات أن اتباع نظام غذائي نباتي يحسن من مؤشرات الالتهاب و الكوليسترول والوزن وأعراض الألم لدى مرضى الفيبروميالجيا كما أن تناول زيت الزيتون البكر، الحبوب الكاملة القديمة مثل القمح والالتزام بنظام غذائي كلها عوامل ثبت أنها تخفف من الأعراض خاصة لدى المرضى الذين يعانون من مشاكل هضمية وتشير البحوث كذلك إلى أن بعض المكملات مثل فيتامين A وD، البوليفينولات (كالشاي الاخضر والصويا)، البروبيوتيك، والجنسنغ لها تأثيرات مضادة للالتهاب وبما أن الإرهاق لدى مرضى الفيبروميالجيا يرتبط بفرط نشاط الجهاز المناعي والعمليات الالتهابية فإن اتباع نظام غذائي مضاد للالتهاب خاصة ضمن نمط حياة متعدد الجوانب يشمل التمارين الرياضية والعلاج السلوكي المعرفي يمكن أن يحسن من جودة الحياة ويخفف من شدة الأعراض بشكل ملحوظ. النظام مضادات الأكسدة يؤدي تراكم الأنواع التفاعلية من الأوكسجين (ROS) إلى إتلاف الخلايا والأنسجة من خلال تفعيل العمليات الالتهابية وقد أظهرت الدراسات ارتفاع واضح في مستويات أكسيد النيتريك وبيروكسدة الدهون لدى مرضى الفيبروميالجيا يقابله انخفاض ملحوظ في مضادات الأكسدة الطبيعية مع ارتباط هذه التغيرات بشدة الأعراض أثبتت بعض المكملات مثل الإنزيم المساعد (Co-Q10) والفيتامينات المضادة للأكسدة فاعليتها في تخفيف الأعراض رغم أن نتائج الأبحاث حول مركبات مثل حمض ألفا ليبويك alpha-lipoic acid جاءت غير حاسمة كما أظهر النظام الغذائي المتوسطي الغني بمضادات الأكسدة فوائد كبيرة في الحد من الالتهابات وتحسين الحالة الصحية العامة ومن العلاجات الواعدة أيضا علاج الأوزون Ozone  therapy الذي يعمل عبر تحفيز خفيف الإجهاد التأكسدي مما يعيد تنشيط الأنظمة الدفاعية الذاتية للجسم وقد أظهر نتائج إيجابية دون آثار جانبية تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن تعزيز التوازن المضاد للأكسدة قد يمثل إستراتيجية واعدة في تخفيف أعراض الفيبروميالجيا وتحسين جودة حياة المرضى. نظام المعادن والمكملات تلعب المعادن والمكملات الغذائية دورا واعدا في تخفيف أعراض الفيبروميالجيا حيث أظهرت الأبحاث أن مكملات المغنيسيوم إلى جانب مضادات الاكتئاب مثل الأميتريبتيلين قد تساهم في تقليل الألم العصبي نظرا لقدرة المغنيسيوم على تثبيط مستقبلات عصبية معينة كما أثبتت بعض الدراسات أن الحديد يمكن أن يحسن من الأعراض الدموية المرتبطة بالمرض في المقابل يحظى الإنزيم المساعد (CoQ10) باهتمام خاص نظرا لدورة كمضاد قوي للأكسدة وقد تبين أن المرضى الذين يعانون من نقص CoQ10 ويأخذونه كمكمل يشعرون بتحسن ملحوظ في الألم، القلق، والالتهاب، إلى جانب زيادة في مستويات مضادات الأكسدة ومن المكملات الأخرى التي أظهرت خصائص مضادة للالتهاب ومضادة للأكسدة أيضًا: الزنجبيل، الكركم أما فيما يتعلق بـالكرياتين، فقد تم بحث تأثيره وقدرته على دعم قوة العضلات وقد أظهرت أنه ساعد على تعزيز قوة العضلات لدى مرضى الفيبروميالجيا لكن دون تأثير كبير على باقي الأعراض مثل الألم أو التعب. الغلوتين و الفيبروميالجيا هناك علاقة محتملة بين الفيبروميالجيا وحساسية الغلوتين غير المرتبطة بالداء البطني (NCGS) حيث يشترك كلاهما في خصائص التهابية مزمنة وأعراض متشابهة مثل آلام العضلات والمفاصل، متلازمة القولون العصبي، والإرهاق العام ويظهر تناول الغلوتين تأثيرا محفزا للالتهاب من خلال زيادة إفراز السيتوكينات الالتهابية pro-inflam

matory cytokines وتثبيط السيتوكينات المضادة للالتهاب وهي عوامل مرتبطة مباشرة بآليات الألم وقد كشفت دراسات سريرية أن اتباع نظام غذائي خال من الغلوتين (GFD) قد يؤدي إلى تحسن ملحوظ في الأعراض لدى مرضى الفيبروميالجيا بما في ذلك انخفاض مستويات الألم، تقليل عدد النقاط الحساسة، وتخفيف الاعتماد على الأدوية بل وقد ساعد بعض المرضى على العودة إلى حياتهم الطبيعية والتوقف عن استخدام المسكنات  وتشير هذه النتائج إلى أن تجنب الغلوتين قد يمثل جزءا فعالا من العلاج متعدد الأبعاد مرضى الفيبروميالجيا خاصة لدى من يعانون من أعراض هضمية متكررة أو يظهر لديهم تحسس محتمل من الغلوتين. فيتامين D و الفيبروميالجيا يعد نقص فيتامين D من الحالات الصحية المنتشرة عالميا وهو مرتبط بأعراض شائعة لدى مرضى الفيبروميالجيا مثل آلام العضلات العامة و الضعف العضلي، والتعب المزمن، خاصة لدى من يعانون من انخفاض التعرض لأشعة الشمس. وقد أشارت دراسات متعددة إلى أن فيتامين D يلعب دورا محوريا في تنظيم مسارات الألم في الجهاز العصبي المركزي خاصة بعد اكتشاف مستقبلاته وانزيماته النشطة في الدماغ كما يشارك في تنظيم الناقلات العصبية (الدوبامين، السيروتونين، والأسيتيل كولين) والتي قد تسهم في اضطرابات معالجة الألم لدى مرضى الفيبروميالجيا إلى جانب ذلك يمتلك فيتامين D تأثيرا على الاستجابات الالتهابية حيث يعزز إفراز عامل النمو المحول بيتا (TGF-β1) الذي يثبط السيتوكينات الالتهابية ويقلل من إنتاج أكسيد النيتريك المرتبط تحسس الجهاز العصبي للألم وتربط بعض الأبحاث انخفاض فيتامين D بـفرط تنبيه الجهاز العصبي  لدى مرضى الفيبروميالجيا مما قد يفسر زيادة الألم والتعب لديهم ويعتقد أيضا أن المرض ذاته قد يسبب نقص فيتامين D بسبب انخفاض الحركة وقلة التعرض للشمس لدى المرضى ومع ذلك يعد تصحيح نقص فيتامين D خطوة أساسية في خطة علاج الفيبروميالجيا نظرا لأثره المحتمل في دعم صحة العضلات والعظام على المدى البعيد. تعديلات نمط الحياة والتمارين وفقدان الوزن في الفيبروميالجيا  تُعد تعديلات نمط الحياة جزءًا أساسيًا من إدارة الفيبروميالجيا، وتشمل التمارين الرياضية، تحسين النوم، فقدان الوزن، والعلاجات النفسية. التمارين الهوائية والمنخفضة الشدة تساعد في تقليل الألم والتعب، وتحسن وظائف الجهاز العصبي وتوازن الجهاز العصبي الذاتي.  العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أثبت فعاليته في تعديل سلوكيات الألم وتعزيز التكيف النفسي و  تعتبر الوخز بالإبر (Acupuncture) أيضا وسيلة فعالة لتقليل الألم من خلال تحفيز إفراز المواد المسكنة الطبيعية في الجسم مثل السيروتونين و بيتا إندورفين و من جهة أخرى النوم الجيد ضروري للحد من اضطرابات الألم والتعب حيث يرتبط ضعف النوم بزيادة الأعراض أما فقدان الوزن فهو يقلل الالتهاب وحساسية الألم المرتبطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم واللبتين وأخيرا يعتبر العلاج بالليزر منخفض المستوى (LLLT) خيارا آمنا وفعالا لتقليل الألم والإجهاد لدى المرضى غير القادرين على ممارسة الرياضة كل هذه التدخلات تمثل استراتيجيات متكاملة لتحسين جودة الحياة لدى مرضى الفيبروميالجيا. 


تأثير أنواع مختلفة من التمارين على البالغين المصابين الفيبروميالجيا

 تم التوصية بممارسة التمارين الرياضية كجزء من علاج الفيبروميالجيا ومع ذلك لا تزال بعض الشكوك قائمة حول فوائد التمارين من تأثير التمارين الهوائية، تمارين المقاومة وتمارين الإطالة على الألم، والاكتئاب، وجودة الحياة، وذلك من خلال مراجعة منهجية. ووفقا لما أشار إليه "هاجن وآخرون" فهناك أدلة تجريبية تدعم أن ممارسة التمارين تقلل من أعراض معظم الأمراض العضلية الهيكلية بما في ذلك الفيبروميالجيا و وجدت العديد من الدراسات أن أنواعا مختلفة من التمارين مثل التمارين الهوائية، تمارين المقاومة، وتمارين الإطالة تساهم بشكل إيجابي في تحسين جودة الحياة لدى مرضى الفيبروميالجيا وتساعد بشكل واضح في تقليل الألم والاكتئاب. حيث أن:

التمارين الهوائية تقلل من الشعور بالألم، والاكتئاب، وتحسن من جودة الحياة العامة، بما في ذلك الجوانب النفسية و البدنية المرتبطة بالصحة.

تمارين المقاومة تقلل أيضا من الإحساس بالألم، وتحسن جودة الحياة، كما تحسن البعد البدني من جودة الحياة المرتبطة بالصحة و لوحظ أيضا أن لهذه التمارين تأثيرا إيجابيا غير ملحوظ من الناحية الإحصائية على الاكتئاب والبعد النفسي من جودة الحياة.

تمارين الإطالة تقلل من الإحساس بالألم وتحسن جودة الحياة العامة وجودة الحياة المرتبطة بالصحة ولكن تأثيرها على الاكتئاب لم يكن ذا دلالة إحصائية.


نستنج مما سبق 

تعد التمارين الرياضية بأنواعها المختلفة مثل التمارين الهوائية، وتمارين المقاومة، وتمارين الإطالة، أحد الوسائل غير الدوائية الفعالة في تحسين الحالة الصحية لمرضى الفيبروميالجيا وقد أظهرت العديد من الدراسات أن ممارسة هذه الأنواع من التمارين تسهم في تقليل الألم، وتحسين الحالة النفسية، ورفع جودة الحياة لدى المرضى ويوصى بأن يتم تصميم برامج التمارين بطريقة فردية تتناسب مع قدرة كل مريض ومستوى الأعراض التي يعاني منها (مع بدء التمرين بشدة منخفضة ثم زيادتها تدريجيا حسب التحمل) كما أن تبني هذا النهج الفردي في وصف النشاط البدني يساعد في تجنب تفاقم الأعراض ويعزز من فعالية التمارين ومن المهم دعم المرضى في تبني نمط حياة نشط ومستمر مع التركيز على التمارين الآمنة والمناسبة لقدراتهم الجسدية والنفسية.

الفيبروميالجيا

طبي

طاقة

نمط الحياة

التدريب

نظام غذائي